قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ ﴾، أي لإنْ لم يَنْتَهِ المنافقون عن نِفَاقهم، ﴿ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾، يعني الفُجور وهم الزُّناة وضعفاء الدِّين عن أذى المؤمنين، ﴿ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ﴾، وهم قومٌ كانوا يُوقعون الأخبارَ بما يكرهُ المؤمنون، ويقولون : قد أتَاكُم العدوُّ، ويقولون لسَرَاياهم : أنهم قُتِلوا وهُزِموا، يُخيفون المؤمنين بذلك. لئن لم ينتَهُوا عن هذه الأفعالِ القبيحة، ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾، أي لنسلطنَّكَ عليهم، ونأمرك بقتلِهم حتى تقتُلَهم وتخلو منهم المدينة، وهو قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾، أي في المدينةِ، والمعنى : لا يُساكِنُونك في المدينة إلا يَسيراً حتى يهلَكُوا، ﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾، مطرودين مُبعَدين عن الرَّحمة، ﴿ أَيْنَمَا ثُقِفُواْ ﴾، أي أينَما وُجدوا وأُدركوا.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَّلْعُونِينَ ﴾ نصبٌ على الحالِ، وقيل : على الذمِّ، وتقديرُ النصب على الحالِ : لا يُجاورونك إلا وهم مَلعُونون مطرودون مخذولون.
وقولهُ تعالى :﴿ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾، أي أُخذوا وقُتلوا مرَّة بعد مرَّة ؛ لأنه إذا ظهرَ أمرُ المنافقين كانوا بمنزِلة الكفَّار، ومن حقِّ الكفار أن يُقتلوا حيث يوجدون. قال قتادة :(أرَادَ الْمُنَافِقُونَ أنْ يُظْهِرُوا مَا فِي قُلُوبهم مِنَ النِّفَاقِ، فَلَمَّا وَعَدَهُمُ اللهُ فِي هَذِهِ الآيَةِ فَكَتَمُوهُ).


الصفحة التالية
Icon