قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ﴾ ؛ أي وسَخَّرنَا لسليمانَ الرِّيحَ كانت تحملُ سَريرَهُ فتذهبُ في الغُدُوِّ مسيرةَ شَهرٍ، وترجعُ في الرَّواحِ مسيرةَ شَهرٍ.
قال الفرَّاءُ :(نُصِبَ (الرِّيحَ) عَلَى الْمَفْعُولِ ؛ أيْ وَسَخَّرْنَا لِسُلَيْمَانَ الرِّيْحَ). وقرأ عاصمُ (الرِّيْحُ) بالرفعِ على معنى : ولَهُ تسخيرُ الرِّيحُ، والمعنى أنَّ الريحَ كانت تسيرُ في اليومِ مسيرةَ شَهرَينِ للرَّاكب الْمُسرعِ.
قَولُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ﴾ ؛ أي أذبْنَا له عَينَ النُّحاسِ، فسَالَتْ له ثلاثةَ أيَّامٍ كما يسيلُ الماءُ، وإنَّما انتفعَ الناسُ بما أخرجَ الله لسُليمانَ، وكان قبلَ سُليمان لا يذوبُ. والقِطْرُ هو الرَّصَاصُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ ؛ أي وسخَّرنا له من الجنِّ ﴿ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ مِنَ القُصُور والبُنيانِ، ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا ﴾ ؛ أي مَن يَمِلْ من الشَّياطينِ عن أمرِنا الذي أمَرْناهُ من الطاعةِ لسُليمانَ، ﴿ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ﴾ ؛ أي مِن عذاب النَّار الموقَدَةِ. وَقِيْلَ : إنَّ اللهَ تعالى وَكَّلَ مَلَكاً بيدهِ سوطٌ من نارٍ، فمَن زَاغَ منهم مِن طاعةِ سُليمانَ ضَرَبَهُ ضربةً أحرقَتْهُ.


الصفحة التالية
Icon