قًَوْلَهُ تَعَالَى :﴿ قَالَتْ ياأَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ﴾ ؛ أي قالت لأهلِ مشورَتِها : بَيِّنُوا لِي. ما أعملُ في أمرِي بما هو الصوابُ، وأشِيرُوا عليَّ، فإنِّي ﴿ مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً ﴾ ؛ من الأمور في ما مَضَى، ﴿ حَتَّى تَشْهَدُونِ ﴾ ؛ تحضُرونَ فتُشاورُونِي، فأَشِيرُوا عليَّ في هذا الكتاب، ما أصنعُ فيهِ ؟ ﴿ قَالُواْ ﴾ ؛ مُجِيبينَ لَها :﴿ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ ﴾ ؛ وعُدَّةٍ في القتالِ لَم يبلُغْنا عدوٌّ قط، وَنحنُ ﴿ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ ؛ في الحرب، ذكَرُُوا لها قوَّتَهم وشجاعَتَهم، وهذا تعريضٌ منهم بالقتالِ إن أمرَتْهُم بذلكَ.
ثُم قالُوا :﴿ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ ﴾ ؛ أي في القتالِ وتَرْكِهِ إن أمَرْتِنا بالقتالِ قاتلناهُ، وإنْ أمَرْتِنا بغيرِ ذلك فعلناهُ، وذلك معنى قولهِ :﴿ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾ أي ماذا تُشِيرِينَ علينا.