قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ ﴾ ؛ أي آمُرُكم وأُوصِيكُم بخِصْلَةٍ واحدةٍ، وهي :﴿ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ﴾ ؛ أي تقُومُوا للهِ اثنَين اثنَين وواحداً واحداً، ﴿ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ ﴾، فيُناظِرُوا ويذكِّرُوا في أمرِ النبيِّ ﷺ، هَل تَرَوْنَ في فعلهِ وقَولهِ ودُعائهِ إلى توحيدِ الله ما يكونُ مِن كلامِ الْمَجانِين وأفعَالِهم، وهُو كَلامُ عالِمٍ حازمٍ ؟ قال مقاتلُ :(وَالْمَعْنَى : ألاَ يَتَفَكَّرُ مِنْكُمْ وَاحِدٌ وَمَعَ صَاحِبهِ يَنْظُرُوا أنَّ خَلْقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ دَلِيْلٌ عَلَى أنَّ خَالِقَهَا وَاحِدٌ لاَ شَرِيْكَ لَهُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ ﴾ ؛ وذلكَ أنَّ المشركينَ قالُوا : إنَّ مُحَمَّداً ساحرٌ مجنونٌ! فقال اللهُ تعالى :﴿ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ ﴾ وما صَاحِبُكم بمجنُونٍ، فعلَى هذا المعنى يكونُ قولهُ ﴿ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ ﴾ ابتداءُ كلامٍ مِن اللهِ تعالى، ويجوزُ أن يكونَ المعنى : ثُم تتفكَّرُوا فتعلَمُوا بُطلاَن قولِكم في نِسْبَتِهِ إلى الجنونِ. وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ ﴾ ؛ أي ما هُو إلاَّ رسولٌ مُخَوِّفٌ، ﴿ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ ؛ أي بينَ يدَي القيامةِ لكي تُخَلِّصُوا أنفُسَكم من عذاب اللهِ بالتَّلافِي والتَّوبةِ.


الصفحة التالية
Icon