قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ ؛ فيه إضمارٌ كأنه قالَ : آلِهَتُكم أم مَن الذي خَلَقَ السَّمواتِ والأرضِ بما فيها من العجائب والبدائعِ، ﴿ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ السَّمَآءِ مَآءً ﴾ ؛ يعني المطرَ، ﴿ فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ﴾ ؛ أي بساتينَ، ﴿ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾ ؛ أي مَنْظَرٌ حَسَنٌ وأنوارٌ، والحديقةُ : هي الْبُسْتَانُ التي يُحَاطُ عليه بما فيه مِن النَّحْلِ والشَّجَرْ، فإن لَم يكن عليه حائطٌ فليس بحديقةٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا ﴾ ؛ هذا نَفْيٌ، يعني ما قَدِرْتُمْ عليهِ، والمعنَى : ما ينبغي لكم ذلكَ ؛ لأنَّكُم لا تقدرونَ عليها، ثُم قال اسْتِفْهَاماً مُنْكِراً عَلَيْهم :﴿ أَإِلَـاهٌ مَّعَ اللَّهِ ﴾ ؛ أي هل معَهُ معبودٌ سِوَاهُ أَعَانَهُ على صُنعهِ في خَلْقِ هذه الأشجار. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ ؛ يعني كُفَّارَ مكَّةَ قومٌ يَعْدِلُونَ الأصنامَ بخالِقِهم بجَهلِهم. وَقِيْلَ :(يَعْدِلُونَ) أي يُشرِكُونَ باللهِ غيرَهُ. وَقِيْلَ : يَمِيلُونَ عن الطريقِ وعن النَّظرِ في الدَّلائلِ المؤدِّية إلى العِلْمِ بوحدانيَّةِ اللهِ.


الصفحة التالية
Icon