قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾ ؛ أي قُل يا مُحَمَّدُ للمشركينَ :﴿ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ ﴾ يعني مكَّة ﴿ الَّذِي حَرَّمَهَا ﴾ أي الذي حَرَّمَ فيها ما أحلَّ في غيرِها من الاصطيادِ ؛ والاختلاءِ ؛ والقَتْلِ ؛ والسَّبيِ ؛ والظُّلم، وأن لا يهاج فيها أحدٌ حتى يخرجَ منها، فلا يصادُ صيدُها ولا يختَلَى خِلاَلَها.
وَقِيْلَ : معنى ﴿ حَرَّمَهَا ﴾ أي عظَّم حُرمَتها، فجعلَ لَها من الأمنِ ما لَم يجعل لغيرِها. وقولهُ تعالى :﴿ وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ ﴾ ؛ لأنه خَالِقُهُ ومَالِكُهُ. وقرأ ابنُ عبَّاس (الَّتِي حَرَّمَهَا) أشارَ إلى البلدةِ.
وقولهُ تعالى :﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ ؛ أي وأُمِرْتُ أنْ أكونَ مِن المسلمينَ الْمُخْلِصِيْنَ للهِ بالتَّوحيدِ، ﴿ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ﴾ ؛ عليكُم يا أهلَ مكَّة، يريدُ تلاوةَ الدَّعوةِ إلى الإيْمانِ. وفي الآية تعظيمٌ لأمرِ الإسلامِ وتِلاَوَةِ القُرْآنِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ﴾ ؛ أي مَن اهتَدَى فإنَّما منفعةُ اهتدائهِ راجعةٌ إلى نفسهِ، ﴿ وَمَن ضَلَّ ﴾ ؛ أي ضلَّ عن الإيْمانِ والقُرْآنِ وأخطأَ طريقَ الْهُدَى، ﴿ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴾ ؛ أي مِن الْمُخَوِّفِيْنَ، فليس عَلَيَّ إلاّ البلاغُ، فإنِّي لَم أوْمَرْ بالإجْبَارِ على الْهُدَى، وليسَ عَلَيَّ إلاّ الإنذارُ، وكان هذا قَبْلَ الأمرِ بالقتالِ.


الصفحة التالية
Icon