قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ الَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ ؛ معناهُ : هذا خيرٌ أيُّها الكافرُ أم مَن هو قانتٌ ؟ وَقِيْلَ : معناهُ : أمَّنْ هو قانتٌ كمَن جعلَ لله أنْدَاداً. وَقِيْلَ : معناهُ : أهذا الخيرُ أم من هو قانتٌ لله؟. والقَانِتُ : هو المواظِبُ على طاعةِ الله تعالى، القائمُ بما يجبُ عليه لأمرِ الله. و ﴿ آنَآءَ الَّيلِ ﴾ ساعاتهُ.
وقوله :﴿ سَاجِداً وَقَآئِماً ﴾ نُصِبَ على الحالِ ؛ أي تارةً ساجداً وتارةً قائماً، يفعلُ ذلك حَذِراً من العذاب وطَمعاً في الثواب. وقرأ نافعُ وابن كثير :(أمَنْ) بالتخفيفِ ؛ لأن ألِفَ الاستفهامِ دخلت على (مَنْ) هو استفهامُ إنكارٍ، والمعنى : أمَنْ هو قانتٌ كالأوَّلِ. ورُوي أنَّ قوله :﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَآءَ الَّيلِ سَاجِداً وَقَآئِماً ﴾ نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ ابْنِ عَفَّان رضي الله عنه.
وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ؛ أي لا يستوِي العالِمُ والجاهلُ، فكذلكَ لا يستوِي المطيعُ والعاصي، ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴾ ؛ أي يتَّعِظُ بمواعظِ الله ذوُو العقولِ من الناسِ.
وقال مقاتلُ :(نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي عَمَّار بْنِ يَاسِرٍ وَأبي حُذيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ. ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ ﴾ يَعْنِي عَمَّارَ ﴿ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ يَعْنِي أبَا حُذيْفَةَ).
وعن ابنِ عبَّاس ؛ أنَّهُ قالَ :(مَنْ أحَبَّ أنْ يُهَوَّنَ عَلَيْهِ الْمَوْقِفُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلْيَرَهُ اللهُ سَاجِداً فِي سَوَادِ اللَّيلِ سَاجِداً أوْ قَائِماً يَحْذرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبهِ).


الصفحة التالية
Icon