قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ ؛ معناهُ : أفمَن وسَّعَ الله صدرَهُ لقَبولِ الإسلام، فهو على بيانٍ وحجَّة من ربه يُبصِرُ به الحقَّ من الباطلِ، كمَن طبعَ الله على قلبهِ فلم يهتَدِ للحقِّ لقَسوَتهِ، فال قتادةُ :(فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبهِ : النُّورُ هُوَ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى، فِيْهِ يَأْخُذُ وَبهِ يَنْهَى).
وتقديرُ الآيةِ : أفمَن شرحَ اللهُ صدرَهُ للإسلامِ فهو على نورٍ من ربه، كمَن قَسِيَ قلبهُ. وعن ابنِ مسعود رضي الله عنه أنه قالَ :" تَلاَ رَسُولُ اللهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ، قَالُواْ : يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا هَذا الانْشِرَاحُ ؟ قَالَ :" إذا دَخَلَ نُورٌ الْقَلْبَ انْشَرَحَ وَانْفَسَحَ " قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ ؛ وَمَا عَلاَمَةُ ذلِكَ ؟ قَالَ :" الإنَابَةُ إلَى دَار الْخُلُودِ، وَالتَّجَافِي عَنْ دَار الْغُرُور، وَالتَّأَهُّب لِلْمَوْتِ قَبْلَ لِقَاءِ الْمَوْتِ " قِيْلَ : إنَّ هذه الآيةَ نزلت في عمَّار بن ياسرٍ، وقال مقاتلُ :(أفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإسْلاَمِ يَعْنِي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ؛ هم أبُو جهلٍ وأصحابهُ من الكفَّار، ﴿ أُوْلَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ﴾. وَقَِيْلَ : إنَّ قولهُ ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾ يعني عَلِيّاً وحمزةَ، وقولهُ تعالى ﴿ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ هو أبو لَهَبٍ وأولادهُ. وقولهُ ﴿ مِّن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ أي عن ذكرِ اللهِ.


الصفحة التالية
Icon