قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ ﴾ ؛ أي وصفَ اللهُ مثلَ آلِهَتِهم التي يعبدونَها من دونِ الله، يقول اللهُ : الذي يعبدُ آلهةً شينٌ في أخلاقِهم وشراسةً، والذي يعبدُ ربّاً واحداً خالصاً في عبادتهِ إياهُ، والمعنى فيه شركاءُ متشَاحُّون، ورجُلاً سَلَماً لرَجُل سلم له من غيرِ منازعٍ، وَقِيْلَ : معناهُ : أنَّ أربَاباً كثيرةً فيه شركاءُ متشَاحُّون سَيِّئةٌ أخلاقُهم، وكلُّ واحدٍ منهم يستخدمهُ بقدر نصيبهِ، يقالُ : رجلٌ شَكِسٌ وَشَرِسٌ، وَضَرِسٌ وضَبسٌ، إذا كان سَيِّءَ الْخُلُقِ ومُخَالفاً للناسِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ ﴾ ؛ (ورَجُلاً سَالِماً) هذه قراءةُ ابنِ كثير وأبي عمرٍو ومجاهد والحسن ويعقوب، واختيار أبي عُبيد ؛ لأن السالِمَ " الْخَالِصُ " ضدُّ المشترَكِ، وقرأ الباقون (سَلَماً) من غيرِ ألف بفتحِ اللام وهو ضدُّ المحارب، ولا موضعَ للحرب ههُنا، والمعنى ورَجُلاً ذا سَلَمٍ لرَجُل، من قولِهم : هو لكَ سَلَمٌ ؛ أي مسلم لا منازعَ لكَ فيه.
وقوله :﴿ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً ﴾ ؛ أي هل يستوِي عندكَ شِرْكٌ فيه مختلفون يملكونَهُ جميعاً ورجلٌ خالِصٌ لرجلٍ لا شركةَ فيه لأحدٍ. والمعنى هل يستوِي من يعبدُ آلهةً شتَّى مختلفةً، يعني الكافرَ، والذي يعبدُ ربّاً واحداً، يعني المؤمنَ، وهذا استفهامٌ معناهُ الإنكارُ ؛ أي لا يستوِيان.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ الْحَمْدُ للَّهِ ﴾ ؛ أي الشكرُ للهِ دون غيرهِ من المعبودِين، وقولهُ :﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ ؛ ما يصِيرُون إليه من العقاب، والمرادُ بالأكثرِ الكلَّ.