قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ﴾ ؛ وذلك أنَّهم " مع " عبادتَهم غيرَ اللهِ يُقِرُّونَ أن اللهَ خالقُ هذه الأشياءِ، فجعلَ اللهُ إقرارَهم بذلك حجَّةً عليهم.
وبيَّن أنه تعالَى إذا أرادَ بعبدهِ ضُرّاً لم تقدر الأصنامُ على دفعهِ عنهُ، وإذا أرادَ بعبدٍ رحمةً لم تقدر الأصنامُ على حبسِها عنه، فكيف يعبدونَها ويتركون عبادةَ اللهِ الذي له هذه الصفاتُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ ﴾ أي أمرَ اللهُ النبيَّ ﷺ أن يحتجَّ عليهم بأن جميعَ ما تعبُدون من دون اللهِ لا يَمِلكون كشفَ ضُرٍّ، قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه :(وَالْمَعْنَى : أرَادَنِي اللهُ بفَقْرٍ أوْ مَرَضٍ أوْ بَلاَءٍ أوْ شِدَّةٍ، هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتٌ ضُرَّهُ، أوْ أرَادَنِي برَحْمَةٍ أيْ بخَيْرٍ وَصِحَّةٍ، هَلْ هُنَّ حَابسَاتٌ تِلْكَ الرَّحْمَةَ عَنِّي).
قرأ أبو عمرٍو ويعقوب (كَاشِفَاتٌ) و (مُمْسِكَاتٌ) بالتنوينِ ؛ لأنَّ اسمَ الفاعلِ غيرُ واقعٍ، وما لَمْ يقع منهُ فوجهُها التنوينُ، وقرأ الباقونَ بغير تنوينٍ استخفافاً، وكِلاَ الوجهين حسنٌ.
وقولهُ تعالى :﴿ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ﴾ ؛ أي يكفينِي اللهُ تعالى الذي بيدهِ الضرُّ والرحمةُ، ﴿ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ ؛ أي به يَثِقُ الواثِقُون لا بغيرهِ.