قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قُلْ ياعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾ ؛ قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه :(إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَحْشِي وَأصْحَابهِ الَّذِينَ قَتَلُواْ حَمْزَةَ عَمِّ النَّبيِّ ﷺ وَجَمَاعَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، أرْسَلُواْ إلَى النَّبيِّ ﷺ رَسُولاً يَطْلُبُونَ التَّوْبَةَ، فَأَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ).
وعن ابنِ عبَّاس رضي الله عنه قالَ :(بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه إلَى وَحْشِي يَدْعُوهُ إلَى الإسْلاَمِ، فَأَرْسَلَ إلَيْهِ : يَا مُحَمَّدُ كَيْفَ تَدْعُونِي إلَى دِينِكَ وَأنْتَ تَزْعُمُ أنَّهُ مَنْ قَتَلَ أوْ أشْرَكَ أوْ زَنَى يَلْقَ أثَّاماً، يُضَاعَفُ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدُ فِيْهِ مُهَاناً ؟ وَأنَا قَدْ فَعَلْتُ ذلِكَ كُلُّهُ، فَهَلْ تَجِدُ لِي فِيْهِ رُخْصَةً ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى :﴿ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ﴾[الفرقان : ٧٠].
فَقََالَ وَحْشِي : هَذا شَرْطٌ شَدِيدٌ لاَ أقْدِرُ عَلَى هَذا، فَهَلْ غَيْرُ ذلَك ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ ﴾[النساء : ٤٨] وَقَالَ وَحْشِي : وَإنِّي فِي شُبْهَةٍ فَلاَ أدْري أيُغْفَرُ لِي أمْ لاَ، فَهَلْ غَيْرُ ذلِكَ ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ ﴿ قُلْ ياعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾ فَجَاءَ وَحْشِي فَأَسْلَمَ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ : هَذِهِ لَهُ خَاصَّةً أمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً ؟ فَقَالَ :[بَلْ لِلْمُسْلِمينَ عَامَّةً].
معنى الآيةِ : قُل يا عبادِي الذي جاوَزُوا الحدَّ في المعاصِي بالكُفرِ والزِّنا والقتلِ ونحوِها : لا تيأَسُوا من رحمةِ اللهِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ﴾ ؛ أي الصغائرَ والكبائرَ، ﴿ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ ﴾ ؛ لِمَن تابَ وآمَنَ، ﴿ الرَّحِيمُ ﴾ ؛ بمَن تابَ على التوبةِ.


الصفحة التالية
Icon