قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ﴾ ؛ قالَ بعضُهم : معناهُ : كُنَّا نُطَفاً في أصلاب آبائنا أمْوَاتاً فخَلقتَ فينا الحياةَ، ثم أمَتَّنا بعد ذلك عند انتهاءِ آجالِنا ثُم أحيَيتَنَا للبعثِ، وهذا كقولهِ تعالى﴿ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾[البقرة : ٢٨]. قالوا هكذا لأنَّهم كانوا في الدُّنيا فكذبوا في البعثِ، فاعترَفُوا في النار بما كذبوا بهِ، وهو قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا ﴾ ؛ أي بالتَّكذيب.
وقال بعضُهم : أرادَ بالموتِ الأُولى التي تكون عند قبضِ الأرواحِ، وبالموتِ الثانية التي تكون بعدَ الإحياءِ في القبرِ للسُّؤال ؛ لأنَّهم أُمِيتُوا في الدُّنيا ثم أُحْيُوا في قبورهم فسُئِلُوا، ثم أُمِيتُوا في قبورهم، ثم أُحْيُوا في الآخرةِ للبعث، فيكون المرادُ بالإحياءِ الأَول الإحياءُ في القبرِ، وبالإحياءِ الثاني الإحياءُ للبعثِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا ﴾ أي بإنعَامِكَ علينا ونفوذ قضائِكَ فينا وتكذيبنا في الدُّنيا، ﴿ فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن ﴾ ؛ النار، من، ﴿ سَبِيلٍ ﴾، طريقٍ فنُؤمِنَ بكَ ونرجِعَ إلى طاعتك؟
فيجابُون : ليس إلى خروجٍ مِن سبيلٍ، يقالُ لَهم :﴿ ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ ﴾ ؛ أي ذلك العذابُ في النار والْمَقْتُ بأنَّكم إذا قيلَ لكم في الدُّنيا : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، أنْكَرتُم وكفرتُم وقلتُم أجَعلَ الآلهةَ إلهاً واحداً، ﴿ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ ﴾ ؛ باللهِ، ﴿ تُؤْمِنُواْ ﴾، صدَّقتُم، ﴿ فَالْحُكْمُ للَّهِ الْعَلِـيِّ ﴾ ؛ في سُلطانهِ، ﴿ الْكَبِيرِ ﴾ ؛ في عظَمتهِ لا يُرَدُّ حكمهُ.