قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى ﴾ ؛ وذلك أنَّ قومَ فرعون قالوا له : أرْجِئْهُ وأخاهُ ولا تقتُلهما، فإنَّكَ إنْ قَتَلتَهُما قبلَ ظُهور حُجَّتنا عليهما وقعَتْ للناسِ الشُّبهَةُ في أنَّهما كانا على الحقِّ، فقالَ فرعونُ : دَعُونِي أقْتُلْ موسى، ﴿ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ﴾ ؛ حتى يدفعَ ذلك القتلَ عنه.
ثم بيَّن لأيِّ معنى يقتلهُ فقال :﴿ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُـمْ ﴾ ؛ يعني يبدِّلَ عبادتكم إيَّايَ، ﴿ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ ﴾ ؛ وأرادَ ظُهورَ الهدَى وتغيُّرَ أحكَامِ فرعون فجعلَ ذلك فساداً.
قرأ الكوفيُّون ويعقوب :(أوْ أنْ يُظْهِرَ) بالألفِ، وقرأ نافعُ وأبو عمرو :(وَيُظْهِرَ) بضمِّ الياء وكسرِ الهاء، ونصب (الْفَسَادَ)، وقرأ الباقون بفتحِ الياءِ والهاء ورفعِ (الْفَسَادُ)، واختارَ أبو عُبيد قراءةَ نافعٍ وأبو عمرٍو، ولأنَّها أشبهُ بما قبلَها لإسنادِ الفعل إلى موسى وعطفهِ على بدَلِه.