قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَقَالَ فَرْعَوْنُ ياهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً ﴾ ؛ أي قالَ لوزيرهِ هامان : ابْنِ لِي قَصراً مَنِيفاً مشَّيداً بالآجُرِّ، قالَ في موضعٍ آخرَ :﴿ فَأَوْقِدْ لِي ياهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً ﴾[القصص : ٣٨] وكانَ هامانُ هو أوَّلَ مَن استعملَ الآجُرَّ لبناءِ الصَّرحِ، ولكن كُرِهَ بناءُ القبور بالآجُرِّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لَّعَـلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ ﴾ ؛ الطريقَ للسَّموات، والسَّبَبُ في الحقيقةِ : كُلُّ ما يُوصِلُكَ إلى الشيءِ، ولذلك سُمي الجبلُ سَبَباً. وقال بعضُهم : أسبابُ السَّموات طَبقَاتُهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَـاهِ مُوسَى ﴾ ؛ ظنَّ فرعون بجهلهِ أنَّ إلهَ موسى مما يرقى إليه، قوله تعالى :﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً ﴾، أي إني لأظن موسى كَاذِباً فيما يقولُ إنَّ له ربّاً في السَّماء، ولما قالَ موسى : ربُّ السَّمواتِ، فظنَّ فرعون بجهلهِ واعتقاده الباطل أنه لَمَّا لَم يُرَ في الأرض أنه في السماء، فرَامَ الصعودَ إلى السَّماء لرؤيةِ إله موسى. وقيل : معناهُ : وإني لأظنُّ موسى كَاذباً فيما يقولُ أنَّ له ربّاً غيرِي أرسلَهُ إلينا.
وقرأ الأعرجُ (فَاطَّلِعَ إلَى إلَهِ مُوسَى) بنصب العين على جواب (لعَلِّي) بالفاء على معنى إنِّي إذا بلغتُ اطَّلَعتُ، وقرأهُ العامة (فَأطَّلِعُ) عطفاً على قولهِ تعالى :﴿ وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ ﴾ ؛ أي كذا حُسِّنَ له قُبْحُ عملهِ، زَيَّنَ له الشيطانُ جهلَهُ، ومَن قرأ (زَيَّنَ) بفتح الزاي على أنَّ المعاصي يدعُو بعضُها إلى بعضٍ.
وقولهُ تعالى :﴿ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ ﴾ ؛ أي صدَّ غيرَهُ عن الهدى، ويحتملُ أنه صدَّ عن السبيلِ بنفسه، و ﴿ صُدَّ ﴾ بضم الصاد أي مُنِعَ عن سبيلِ الحقِّ، ﴿ وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ ﴾ ؛ أي في خَسَارٍ وهلاكٍ.