قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَوقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ ﴾ ؛ وذلك أنَّ فرعون أرادَ أن يَقتُلَهُ فهربَ منهم، فلم يقدِرُوا عليه، ودفعَ اللهُ عنه غَائِلَةَ مَكرِهم، ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾ ؛ أي نزلَ بفرعون وقومه أشَدُّ العذاب، قال الكلبيُّ :(غَرِقُوا في الْبَحْرِ وَدَخَلُواْ النَّارَ) والمعنى : وحاقَ بآلِ فرعون سوءُ العذاب، في الدُّنيا الغرقُ، وفي الآخرةِ النارُ، فذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾ ؛ ارتفاعُ (النارُ) على البدلِ من ﴿ سُوءُ الْعَذَابِ ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً ﴾ أي صَباحاً ومسَاءً، يقالُ لَهم : يا آلَ فرعون هذهِ منازلُكم، توبيخاً ونقمةً، قال ابنُ مسعود :(إنَّ أرْوَاحَ آلِ فِرْعَوْنَ فِي أجْوَافِ طَيْرٍ سُودٍ يُعْرَضُونَ عَلَى النَّار كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ)، وعن رسولِ الله ﷺ أنه قالَ :" إنَّ أحَدَكُمْ إذا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ " أهْلِ " الْجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ مِنْ أهْلِ النَّار فَمِنْ " أهْلِ " النَّار، يُقَالُ : هَذا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
وقولهُ تعالى :﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ قرأ نافعُ والكوفيُّون بقطعِ الألفِ وكسرِ الخاء ؛ أي يقالُ للملائكةِ : أدْخِلُوا آلَ فرعون أشدَّ العذاب، وهو الدَّرْكُ الأسفلُ من النار، وقرأ الباقون بضَمِّ الخاء ووصلِ الألف على الأمرِ لهم بالدخول.


الصفحة التالية
Icon