قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ الأَرْضَ قَـرَاراً ﴾ ؛ أي مُستقَرّاً للأحياءِ والأَموات، كما قالَ :﴿ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ﴾[الأعراف : ٢٥] ﴿ وَالسَّمَآءَ بِنَـآءً ﴾ ؛ أي وجعلَ السَّماء سَقْفاً مرفُوعاً فوقَ كلِّ شيءٍ، ﴿ وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـم ﴾ ؛ أي خلقَكم فَأحسنَ خلقَكُم.
قال ابنُ عبَّاس :(خَلَقَ اللهُ ابْنَ آدَمَ قَائِماً مُعْتَدِلاً يَأْكُُلُ بيَدِهِ، وَيَتَنَاوَلُ بيَدِهِ وَكُلُّ مَا خَلَقَ اللهُ يَتَنَاوَلُ بفِيهِ). وقال الزجَّاجُ :(خَلَقَكُمْ أحْسَنَ الْحَيْوَانِ كُلِّهِ)، ﴿ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ ؛ أي من لَذِيذِ الأطعمَةِ وكريمِ الأغذية.
وقولهُ تعالى :﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُـمْ ﴾ ؛ أي الذي فَعَلَ ذلك كلَّهُ هو ربُّكم فاشكروهُ، ﴿ فَتَـبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ ؛ أي فتعالَى اللهُ دائمُ الوجودِ لم يزَلْ ولا يزالُ ربَّ كلِّ ذي روحٍ من الجنِّ والإنسِ وغيرها، ﴿ هُوَ الْحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ﴾ ؛ بلاَ أوَّلٍ ولا آخرٍ، لم يَزَلْ، كان حَيّاً ولا يزالُ حيّاً، مُنَزَّهٌ عن كلِّ آفاتٍ، وليس أحدٌ غيرهُ من الأحياءِ بهذه الصِّفات، لا مستحقٌّ للإلهيَّة غيره، ﴿ فَـادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، فوحِّدوهُ مخلصين له الدِّين ؛ أي الطاعةِ، واشكروهُ على معرفةِ التوحيد. قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه :(إذا قَالَ أحَدُكُمْ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ فَيَقُلْ فِي إثْرِهَا : الْحَمْدُ للهِ رَب الْعَالَمِينَ).


الصفحة التالية
Icon