قَوْلُهُ تعالى :﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ ؛ معناهُ : ولئن سألتَ قومَكَ مَن خلقَ السَّموات والأرضَ، ﴿ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ﴾، وهذا إخبارٌ عن غايةِ جَهلِهم إذ أقَرُّوا بأنَّ الله خلقَ السموات والأرض، ثم عَبَدُوا معه غيرَهُ وأنكَرُوا قدرته على البعثِ، فهُم يُقرُّون بالله ويُشركون به غيرَهُ، كما قالَ تعالى في آيةٍ أخرى﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ ﴾[يوسف : ١٠٦] وتَمَّ الكلامُ والإخبار عنهم.
ثُم ابتدأ قوله عَزَّ وَجَلَّ فقال :﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً ﴾ ؛ هذا ابتداءُ كلامٍ من اللهِ تعالى على معنى : نَعَمْ خلَقَهُنَّ العزيزُ العليم الذي جعلَ لكم الأرضَ مِهَاداً يمكنُكم القرارُ عليها، ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً ﴾ ؛ أي طُرقاً، ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ ؛ في الطريقِ من بلدٍ إلى بلد، وتَهتدون بوحدانيَّة اللهِ.