قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِتَسْتَوُواْ عَلَى ظُهُورِهِ ﴾ ؛ الكنايةُ تعود إلى لفظ (مَا) أي لتَستَوُوا على ظُهور ما تركبون، ﴿ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ ﴾ ؛ يعني النعمةَ بتسخيرِ ذلك المركَب في البَرِّ والبحرِ، قال مقاتلُ والكلبي :(وَهُوَ أنْ تَقُولَ : الْحَمْدُ للهِ الَّذِي رَزَقَنِي هَذا وَحَمَلَنِي عَلَيْهِ)، ﴿ وَتَقُولُواْ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـاذَا ﴾ ؛ المركَبَ وذلَّلَهُ لنا، وسهَّلَ رُكوبَهُ، ولولاَ تسخيرهُ لنا، ﴿ وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾ ؛ أي مُطِيقين ضابطين، يريدُ : لا طاقةَ لنا بالإبلَ ولا بالفلكِ ولا بالبحر، لولاَ أنَّ اللهَ تعالى سخَّرَ لنا ذلك.
قال قتادةُ :(قَدْ عَلَّمَكُمُ اللهُ كَيْفَ تَقُولُونَ إذا رَكِبْتُمْ). وعن ابنِ مسعودٍ أنَّهُ قالَ :(إذا رَكِبَ الرَّجُلُ الدَّابَّةَ فَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ، رَدَفَهُ الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لَهُ : تَغَنَّ، فَإنْ لَمْ يُحْسِنْ قَالَ لَهُ : تَمَنَّ).
وعن رسولِ الله ﷺ :" " أنَّهُ كَانَ إذا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارجاً فِي سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثاً سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإنَّا إلَى رَبنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذا الْبرَّ وَالتَّقْوَى، وَالْعَمَلَ بمَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا وَأطْوِعْنَا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الأَهْلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَب، وَسُوءِ الْمُنْظَرِ فِي الأَهْلِ وَالْمَالِ ". وَإذا رَجَعَ قَالَ :" آيبُونَ تَائِبُونَ لِرَبنَا حَامِدُونَ " ".