قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ حَتَّى إِذَا جَآءَنَا ﴾ ؛ يعني الكافرَ إذا جاءَ يومَ القيامةِ ﴿ قَالَ ﴾، لقَرِينهِ وهو الشيطانُ الذي يُجعَلُ معه في سِلسلةٍ واحدةٍ :﴿ يالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ﴾ ؛ المشرقُ والمغرِبُ إذ كُنَّا في الدُّنيا فلم أرَكَ ولم تَرَنِي، ﴿ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ ؛ كُنْتَ لِي.
وإنما سُمِّيَ المشرقُ والمغربُ باسمٍ الواحد للازدواجِ، كما يقالُ للشَّمسِ والقمر : القَمَرَانِ، وفي تثنيةِ أبي بكرٍ وعمرَ : العُمَرَينِ، قال الشاعرُ : أخَذْنَا بآفَاقِ السَّمَاءِ عَلَيْكُمُ لَنَا قَمَرَهَا وَالنُّجُومُ الطَّوَالِعُوقُرئ :(حَتَّى إذا جَاءَنَا) يعني الكافرَ وشيطانهُ يُبعثان يومَ القيامةِ في سلسلةٍ واحدة، كما رُوي أنَّ الكافرَ إذا بُعث يومَ القيامةِ مِن قبرهِ أخذ بيدهِ شَيطانهُ فلم يُفارقْهُ حتى يُصَيِّرهُما اللهُ إلى النار، فلذلك حيثُ يقولُ :(يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدُ الْمَشْرِقَيْنِ فَبئْسَ الْقَرِينُ)، ويقولُ اللهُ في ذلك اليومِ للكافرين " و " أنت أيها الشيطان :﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ ﴾ ؛ أي إذا أشرَكتُم في الدُّنيا، ﴿ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾ ؛ قال المفسِّرون : لا يُخفَّفُ عنهم الإشراكُ شيئاً من العذاب، لأنَّ لكلِّ واحدٍ منهم الحظَّ الأوفرَ من العذاب، ولا يستأنِسُ بعضُهم ببعضٍ.


الصفحة التالية
Icon