قوله :﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالأَرْضُ ﴾ ؛ أي ما بَكَتْ على فرعونَ وقومه ؛ أي كانوا أهْوَنَ من أن يَبكِي عليهم أحدٌ من أهلِ السَّماء والأرضِ، إنَّهم كانوا في مقامِ الجدي.
قال ﷺ :" مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلاَّ وَلَهُ فِي السَّمَاءِ بَابَان : بَابٌ يَصْعَدُ فِيْهِ عَمَلُهُ، وَبَابٌ يَنْزِلُ فِيْهِ رزْقُهُ، فَإذا مَاتَ بَكَيَا عَلَيْهِ، وَكَذلِكَ مُصَلاَّهُ الَّذِي كَانَ يُصَلِّي فِيْهِ مِنَ الأَرْضِ " فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالأَرْضُ ﴾. وعن مجاهدٍ أنه قالَ :(إذا مَاتَ الْمُؤْمِنُ بَكَتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ أرْبَعِينَ يَوْماً صَبَاحاً). وعن السديِّ قالَ :(لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ رضي الله عنه بَكَتِ السَّمَاءُ عَلَيْهِ، وَبُكَاؤُهَا حُمْرَةُ أطْرَافِهَا).
والمعنى على هذا : لَمْ يكن لفرعونَ وقومه موضعُ طاعةٍ في الأرضِ ولا مصاعِدُ طاعاتٍ في السَّماء فتفقِدَهم وتبكِي عليهم، بخلافِ المؤمنين. وقولهُ تعالى :﴿ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾ ؛ أي لَمْ يُنظَروا ولم يُمهَلُوا حين أخذهم العذابُ لتوبةٍ ولا لغيرِها.