قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـاهَهُ هَوَاهُ ﴾ ؛ وذلك أنَّ أهلَ مكَّة كانوا يعبُدون الحجَرَ والخشبَ، فإذا رأوْا ما هو أحسنُ منه، رَمَوا بالأوَّلِ وعبَدُوا الثانِي، فهُم يعبدون ما تَهوَاهُ أنفسُهم، قال قتادةُ :(هُوَ الْكَافِرُ لاَ يَهْوَى مَا شَاءَ إلاَّ رَكِبَهُ، يَبْنُونَ الْعِبَادَةَ عَلَى الْهَوَى لاَ عَلَى الْحُجَّةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ :﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـاهَهُ هَوَاهُ ﴾ ). قال الحسنُ :(اتَّخَذ إلَهَهُ هَوَاهُ لاَ يَعْرِفُ إلَهَهُ بعَقْلِهِ وَإنَّمَا يَعْرِفُهُ بهَوَاهُ).
وقولهُ تعالى :﴿ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ ﴾ ؛ أي خذلَهُ على ما سبقَ في عمَلهِ أنه ضَالٌّ قبلَ أن يخلقَهُ، ﴿ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ ﴾ ؛ فلم يسمَعِ الهدَى، وعلى ﴿ وَقَلْبِهِ ﴾ ؛ فلم يعقل الهدى، ﴿ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً ﴾ ؛ أي ظُلمةً فهو لا يُبصِرُ الهدَى بهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي مَن يَهديهِ مِن بعدِ إضلالِ اللهِ لَهُ، ﴿ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ ﴾ ؛ فتعرِفُوا قدرتَهُ على ما يشاءُ.