قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ ﴾ ؛ نزَلت في عبدِالرَّحمنِ بن أبي بكر، قالَ لأَبيه وأُمه قبلَ أن يسلمَ حين كانا يدعُوَانهِ إلى الإسلامِ، ويُخبرانهِ بالبعثِ بعد الموت وهو يأبَى ويُسِيءُ القولَ لهما، فقالَ لهما :﴿ أُفٍّ لَّكُمَآ ﴾ أي أُفٍّ قذفاً لكما، كما يقالُ عند شمِّ الرائحةِ الكريهة، ﴿ أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي ﴾ ؛ أي تُخوِّفانِني أن أخرَجَ من القبرِ وقد مضَتِ القرونُ مِن قبل ولم يخرج أحدٌ منهم من قبرهِ، أين عبدُالله بن جَدعان ؟ أين فلان وأين فُلان؟! ﴿ وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ اللَّهَ ﴾ ؛ يعني أبَويهِ يدعُوانِ الله له بالْهُدَى ويقولان له :﴿ وَيْلَكَ آمِنْ ﴾ ؛ أي صدِّقْ بالبعثِ، ﴿ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾، بالبعثِ، ﴿ فَيَقُولُ مَا هَـاذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ﴾ ؛ فيقولُ لَهما : ما هذا الذي تقُولانِ إلاَّ أكاذيبُ الأوَّلين.
والاستغاثةُ باللهِ دعاؤُكَ اللهَ ليُغِيثَكَ على ما نَابَكَ، والجارُّ محذوفٌ، تقديرهُ : يستغِيثان باللهِ. وقرأ القُرَّاء والأعمشُ (أنْ أخْرُجَ) بفتحِ الألف وضمِّ الراءِ.
قال ابنُ عبَّاس :(فَلَمَّا ألَحَ عَلَيْهِ أبَوَاهُ فِي دُعَائِهِ إلَى الإِيْمَانِ ؛ قَالَ لَهُمَا : أحْيُوا لِي عَبْدَاللهِ بْنَ جَدْعَان، فَإنَّهُ كَانَ شَيْخاً صَدُوقاً، وَأحْيُوا لِي عَامِرَ بْنَ كَعْبٍ، وَمَشَايخَ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى أسْأَلَهُمْ عَنْ مَا تَقُولاَنِ، وَأخْرِجَا لِي بَعْضَ آبَائِي وَأجْدَادِي مِنْ قُبُورهِمْ لأَسْأَلَهُمْ، فَإنْ صَدَّقُوكُمَا آمَنْتُ).