قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ ؛ أي لا تَعطِفُوا عن قتالِ الكفَّار وتدعُوهم إلى الصُّلحِ ﴿ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ بما وعدَكم اللهُ من النصرِ في الدُّنيا والثواب والكرامةِ في الأُخرَى. قال الزجَّاجُ :(مَنَعَ اللهُ الْمُسْلِمِينَ أنْ يَدْعُوا الْكُفَّارَ إلَى الصُّلْحِ وَأمَرَهُمْ بحَرْبهِمْ حَتَّى يُسْلِمُواْ) ﴿ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ أي الغَالِبُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ﴾ ؛ أي بالعَوْنِ والنُّصرَةِ على عدُوِّكم بثَوَابَي حِفظِكم، ﴿ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ ؛ أي لن يَنْقِصَكم شيئاً من ثواب أعمالكم، وفي الآيةِ دلالةٌ على أنَّهُ لا يجوزُ للإمامِ أن يدعُوا الكفارَ إلى الصُّلحِ، ولا أنْ يُجِيبَهم إلى الصُّلح في حالِ ما تكون الغَلَبَةُ للمسلمين، فإنَّ الواوَ في قولهِ :﴿ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ واوُ الحالِ، كما يقالُ : لا تُسَلِّمْ على فُلانٍ وأنتَ راكبٌ ؛ أي في حالِ ما كُنتَ راكباً.