قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ ؛ قال ابنُ الأنباريِّ :(سَأَلْتُ أبَا عَبَّاسٍ عَنِ اللاَّمِ فِي قَوْلِهِ ﴿ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ﴾، فَقَالَ : هُوَ لاَمُ كَيْ، مَعْنَاهَا : إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبيْناً لِكَيْ يَجْتَمِعَ لَكَ مَعَ الْمَغْفِرَةِ تَمَامُ النِّعْمَةِ فِي الْفَتْحِ، فَلَمَّا انْضَمَّ إلَى الْمَغْفِرَةِ حادثٌ واقعٌ حَسُنَ مَعْنَى (كي).
وقولهُ تعالى :﴿ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾ المرادُ بالذنب ههُنا الصغائرُ، فأما الكبائرُ فالأنبياء معصُومون منها أبداً ؛ لأنَّهم الأُمَناء على الوحيِ والرسالةِ. وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال :" كَانَ النَّبيُّ ﷺ يَقُومُ حَتَّى تَدْمَى قَدَمَاهُ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أتَصْنَعُ هَذا وَقَدْ جَاءَكَ مِنَ اللهِ أنْ قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنْبكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ : أفَلاَ أكُونُ عَبْداً شَكُوراً ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾ ؛ أي بالنبوَّة والمغفرةِ، والمعنى ليجتمعَ لكَ مع الفتحِ تَمامُ النِّعمة بالمغفرةِ والهداية إلى صراطٍ مستقيم وهو الإسلامُ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً ﴾ ؛ أي ينصُرَك بالحجَّةِ والسيفِ على عدُوِّك نصراً قوياً لا ذُلَّ معه.


الصفحة التالية
Icon