قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَآ آتَاهُمْ رَبُّهُمْ ﴾ ؛ أي فَاكِهين ؛ أي ذوُوا فَاكِهَةٍ كثيرةٍ، وفَكِهين متَعَجِّبين نَاعِمين، ﴿ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ ؛ أي ضُرَّهُ عنهم، يقالُ لَهم :﴿ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ؛ أي كُلوا أكْلاً هنيئاً، واشرَبُوا شُرباً هَنيئاً، مأمونَ العافيةِ من التُّخمة والسَّقم.
وَقِيْلَ : انتصبَ قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ هَنِيئَاً ﴾ لأنه في صفِة المصدر ؛ أي هَنِئتُمْ هَنِيئاً، وهو أنْ يكون خَالصاً من جميعِ الآفاتِ وأسباب التَّنغيصِ.
قال زيدُ بن أرقمِ :" جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الْكِتَاب إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ : يَا أبَا الْقَاسِمِ ؛ تَزْعُمُ أنَّ أهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ. فَقَالَ :" وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ؛ إنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ لَيُؤْتَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الأَكْلِ وَالشُّرْب وَالْجِمَاعَ " قَالَ الرَّجُلُ : فَإنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ يَكُونُ مِنْهُ الْغَائِطُ ؟ فَقَالَ ﷺ :" ذاكَ عَرَقٌ يَفِيضُ مِثْلَ ريحِ الْمِسْكِ، فَإذا كَانَ ذلِكَ ضَمُرَ لَهُ بَطْنُهُ " ".


الصفحة التالية
Icon