قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ ﴾ ؛ يعني هؤلاءِ المخَلَّفين سيقولون لرَسُول اللهِ ﷺ وأصحابهِ :﴿ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ ﴾، خيرٍ، ﴿ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ﴾ ؛ نخرُجْ معَكم، فأمرَ اللهُ النبيَّ ﷺ أنْ يَمنَعَهم من ذلك بعدَ تخلُّفهم من غزوةِ الحديبية.
فلما رجعَ النبيُّ ﷺ من الحديبيةِ وانطلقَ إلى خيبرَ، قال هؤلاءِ المخلَّفون ﴿ ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ﴾ قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ اللَّهِ ﴾ ؛ أي أنَّ اللهَ تعالى خصَّ أهلَ الحديبيةِ بمغانمِ خَيبرَ، وأمرَ النبيَّ ﷺ أن لا يَأْذنَ للمنافقين أن يُخرِجُوهم معهم إلاَّ متطوِّعين ليس لهم من المغانمِ شيءٌ. فأرادَ المنافقون أن يُشاركوا فيها ليُبطِلُوا حكمَ اللهِ تعالى :﴿ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَالِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ ؛ يعني : أمَرَ اللهُ نَبيَّهُ ﷺ أنْ لا يُسَيِّرَ معه منهم أحداً.
ومعنى قوله ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ أي قالَ اللهُ في ذلك بالحديبيةِ قبلَ خيبرَ، وقبلَ خروجنا إليكم : أنَّ غينمةَ خيبر لِمَن شَهِدَ الحديبيةَ، ﴿ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ﴾ ؛ أي سيقُولون للنبيِّ ﷺ لم يأمُرْكم اللهُ بذلك، ولكن تحسُدُونَنا أن نُشاركَكم في الغنيمةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ؛ أي لا يعلَمُون عن اللهِ ما لهم وعليهم مِن الدين إلاَّ قليلاً منهم، وهو مَن صدَّقَ الرسول ولم يُنافِقْ.