قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ﴾ ؛ أي أرسلَ البَحرَين العذبَ والمالِحَ بالإجراءِ في الأرضِ. ومَرَجْتَ الدابَّةَ إذا أرسَلتَها ترعَى، ويجوزُ أن يكون معنى مَرَجَ : خَلَطَ، ومنه الْمَرْجُ لاختلاطِ أشجارهِ، وقولهُ تعالى ﴿ يَلْتَقِيَانِ ﴾ أي يُلاقِي أحدُهما صاحبَهُ، ﴿ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ ﴾ ؛ أي بينهم حاجزٌ من قُدرَةِ اللهِ لا يبغِي العذبُ على المالحِ فيكونان عَذْباً، ولا يبغِي المالِحُ عليه فيكونان مالحاً.
والمعنى : أنَّ اللهَ ذكرَ عظيمَ قُدرتهِ حيث خَلاَ البحرَ من العذب والمالح يلتقيان، وجعلَ بينَهما حاجزاً من قُدرتهِ وحِكمَتِهِ، لا يبغِي أحدُهما على صاحبهِ، فلا الملحَ يبغِي على العذب فيُفسِدهُ ولا العذبُ على الملحِ فيخلَطُ بهِ. وقيل معنى قولهِ ﴿ لاَّ يَبْغِيَانِ ﴾ أي لا يَطغِيَانِ على الناسِ بالغرَقِ. ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.