قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ ﴾ ؛ هذا وعيدٌ من اللهِ تعالى للخلقِ بالمحاسبة، كقولِ القائلِ : لأَتَفَرَّغَنَّ لكَ وما به شغلٌ، وهذا قولُ ابنِ عباس والضحَّاك، وقال الزجاجُ :(مَعْنَاهُ : سَنَقْصُدُ لِحِسَابكُمْ بَعْدَ التَّرْكِ وَالإمْهَالِ، وَنَأْخُذُ فِي أمْرِكُمْ وَنَجْزِيَكُمْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ بَعْدَ طُولِ الإمْهَالِ). وهذا على وجهِ التهديدِ على ما جرَتْ به العاداتُ في استعمالِ هذا اللفظِ، كما يقولُ الرجُل : سأَفرُغُ لغُلامِي، يريد سأجعلُ قَصدِي له، ولا يريدُ بذلك الفراغَ من شُغلٍ هو فيه.
قرأ أُبَي (سَنَفْرُغُ إلَيْكُمْ). وقرأ الأعمشُ (سَيُفْرَغُ لَكُمْ) بياءٍ مضمومة وفتحِ الرَّاء. وقرأ حمزةُ والكسائيُّ وخلف بياءٍ مفتوحة وبضمِّ الراء، وقرأ الباقون بنونٍ مفتوحة وضمِّ الراء.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ ﴾ الثَّقَلان الجنُّ والإنسُ، يدلُّ على ذلك قَوْلُهُ تَعَالَى بعد ذلك، سُمِّيا ثقلين لأنَّهما ثقَلٌ على الأرضِ أحياءً وأمواتاً، قال الله تعالى﴿ وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾[الزلزلة : ٢]. وقال جعفرُ الصَّادق :(سُمِّيَ الْجِنُّ وَالإنْسُ ثَقَلَيْنِ ؛ لأَنَّهُمَا مُثْقَلاَنِ بالذُّنُوب). ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon