قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانفُذُواْ ﴾ ؛ في هذا بيانُ ضَعفِ الخلائقِ عن دفعِ ما ينْزِلُ بهم من قضاءِ الله وعذابهِ، يقولُ : إنْ قَدَرْتُم على الخروجِ من نواحِي السَّموات والأرضِ فَاخرُجوا هَرباً مما ينْزِلُ بكم في الدُّنيا، لا تقِدرُون أن تخرجُوا إلاّ بسُلطان يعطيكم الله من قوَّةٍ وحُجةٍ، فحيث ما كُنتم شاهَدتُم بسُلطان اللهِ تعالى، وذلك يدلُّكم على وحدانيَّة اللهِ. وَقِيْلَ : معناهُ إن استطعتُم أن تَهربُوا من الموتِ بالخروجِ من أقطار السموات والأرض فاهربُوا واخرجوا. والمعنى : أنَّكم حيث ما كنتم أدرَكَكم الموتُ، ولن تستطِيعُوا أن تَهربوا منه.
وُقوله تعالى :﴿ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ ﴾ ؛ أي لا تنفُذون إلاَّ بمُلكي، أي حيث ما كنتم وحيث ما توجَّهتم فثَمَّ مُلكِي وقُدرَتِي. وأقطارُ السموات والأرضِ : أطرَافُهما ونواحيهما. وَقِيْلَ في معنى هذه الآيةِ : يأمرُ الله تعالى الملائكةَ يومَ القيامةِ أن تَحُفَّ بأقطار السموات والأرضِ، ثم يقالُ للجنِّ والإنس : إنِ استطعتُم أن تَنفذُوا من أقطار السَّموات والأرضِ هَرباً من الحساب والعقاب فاهرُبوا. ﴿ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon