قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ ؛ أي وتجعَلون شُكرَكم أنَّكم تكذِّبون بنعمةِ اللهِ عليكم، فيقولون : سُقِينَا بنَوءِ كذا. وذلك أنَّهم كانوا يقُولون : مُطِرنَا بنَوءِ كذا، لا يَنسِبُون السُّقيا إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فقيلَ لهم : وتجعَلُون شُكرَ رزقكم التكذيبَ ؛ أي تجعلون بدلَ شُكرِكم تكذيبَكم بأنه من عندِ الله الرزَّاق.
وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ أنه قالَ :" لَوْ حَبَسَ اللهُ عَنْ أُمَّتِي الْمَطَرَ سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ أنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْمَاءَ لأَصْبَحَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَقُولُونَ : مُطِرْنَا ".
ورُوي :" أنَّ النَّبيَّ ﷺ خَرَجَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلُواْ فَأَصَابَهُمُ الْعَطَشُ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَذكَرُواْ ذلِكَ لِلنَّبيِّ ﷺ فَقَالَ :" أرَأيْتُمْ إنْ دَعَوْتُ لَكُمْ إنْ سُقِيتُمْ، فَلَعَلَّكُمْ تَقُولُونَ : سُقِينَا هَذا الْمَطَرَ بنَوْءِ كَذا ؟ " فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ﷺ مَا هَذا بحِينِ الأَنْوَاءِ! فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَاجَتِ ريحٌ ثُمَّ هَاجَتْ سَحَابَةٌ، فَمُطِرُوا حَتَّى سَالَتِ الأَوْدِيَةُ وَمَلأَوا الأَسْقِيَةَ.
فَرَكِبَ ﷺ فَمَرَّ برَجُلٍ يَغْرِفُ بقَدَحٍ لَهُ وَهُوَ يَقُولُ : سُقِينَا بنَوءِ كَذا، وَلَمْ يَقُلْ : هَذا مِنْ رزْقِ اللهِ تَعَالَى. فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ :﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾ " أي وتجعَلُون شُكرَكم للهِ على رزقهِ إيَّاكم أنَّكم تُكذِّبون بنعمَتهِ، وتقولون : سُقينا بنوءِ كذا.
وعن معاويةَ الليثي : أنَّ رَسُولَ اللهَ ﷺ قَالَ :" يُصْبحُ النَّاسُ مُجْدِبينَ، فَيَأْتِيَهُمُ اللهُ برِزْقٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُصْبحُونَ مُشْرِكِينَ، يَقُولُونَ : مُطِرْنَا بنَوْءِ كَذا وَكَذا ".