قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾ ؛ معناهُ : فأما إنْ كان هذا المحتضِرُ الذي بلغَت نفسهُ الحلقومَ من السَّابقين المقرَّبين عندَ اللهِ، فله رَوْحٌ وهو الرَّوحُ والاستراحةُ، وقال مجاهد :(الرَّوْحُ : الْفَرَحُ، وَرَيْحَانٌ يَعْنِي الرِّزْقَ فِي الْجَنَّةِ). قرأ الحسنُ وقتادة ويعقوب :(فَرُوحٌ) بضمِّ الراء، معناهُ : الحياةُ الدائمةُ التي لا موتَ فيها.
ويقالُ : إن الرَّوح بنصب الراء نسيمٌ تستريحُ إليه النفسُ، والرَّيحانُ هو السَّمُومُ، قال أبو العاليةِ :(يُؤْتَى بَعْضٌ مِنْ رَيْحَانِ الْجَنَّةِ فَيَشُمُّهُ قَبْلَ أنْ يُفَارقَ الدُّنْيَا ثُمَّ تُقْبَضُ رُوحُهُ). وقال أبو بكر الوراق :(الرَّوحُ النَّجَاةُ مِنَ النَّار، وَالرَّيْحَانُ دُخُولُ الْقَرَار).
وقال الترمذيُّ :(الرَّوْحُ فِي الْقَبْرِ، وَالرَّيْحَانُ دُخُولُ الْجَنَّةِ). وقال بسطامُ :(الرَّوْحُ السَّلاَمَةُ، وَالرَّيْحَانُ الْكَرَامَةُ). وقال الشعبيُّ :(الرَّوْحُ مُعَانَقَةُ الأَبْكَار، وَالرَّيْحَانُ مُرَافَقَةُ الأَبْرَار).
وَقِيْلَ : الرَّوحُ كَشفُ الكروب، والريحانُ غُفران الذنوب. وَقِيْلَ : الرَّوح تخفيفُ الحساب، والريحانُ تضعيفُ الثواب، وَقِيْلَ : الرَّوح عَفوٌ بلا عتابٍ، والرَّيحان رزقٌ بلا حسابٍ. وَقِيْلَ : الرَّوح لأرواحِهم، والريحانُ لقلوبهم، وجنةُ النعيمِ لأبدانِهم.