قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ﴾ ومعناهُ : لا يُقاتِلُونَكم بنو قُريظةَ إلاَّ في حُصُونٍ موَثَّقةٍ أو من خَلفِ جِدَارٍ، لِمَا قذفَ اللهُ في قلوبهم الرُّعبَ، ولا يُقاتونَكم مبارزةً.
قرأ ابنُ عبَّاس ومجاهدُ وابن كثير وأبو عمرٍو (أوْ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ) بالألفِ على الواحد. ويَروي بعضُ أهلِ مَّكة (جَدْرٍ) بفتحِ الجيم وجزمِ الدال وهي لغةٌ في الجدار، وقرأ يحيى بن وثَّاب (جُدْرٍ) بضم الجيم وجزمِ الدال، وقرأ الباقون بضَمِّهما.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ﴾ ؛ يعني بُغْضُهم وعداوةُ بعضِهم لبعضٍ شديدٌ، وبينهم مخالفةٌ وعداوة عظيمةٌ، ﴿ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً ﴾ ؛ أي تحسَبُهم متَّفقين على أمرٍ واحد بنِيَّات مجتمعةٍ إذا قاتَلُوا المؤمنين، ﴿ وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ ؛ أي متفرِّقةٌ لا يتعاوَنون لمعاداةِ بعضهم بعضاً، وإنْ أظهَرُوا الموافقةَ، والمعنى : أنَّهم مختَلِفُون لا تستوِي قلوبُهم ولا نيَّاتُهم لأنَّ اللهَ خذلَهم، ﴿ ذَلِكَ ﴾ ؛ الاختلافُ، ﴿ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ﴾ ؛ ما فيه الحظُّ لهم ولا يعقِلُون الرُّشدَ من الغيِّ.


الصفحة التالية
Icon