﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ ؛ قد تقدَّم تفسيرهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ قال مقاتلُ :(وَذلِكَ أنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالُواْ قَبْلَ أنْ يُؤْمَرُواْ بالْقِتَالِ : لَوْ نَعْلَمُ أحَبَّ الأَعْمَالِ إلَى اللهِ تََعَالَى لَعَمِلْنَا وَبَذلْنَا فِيْهِ أمْوَالَنَا وَأنْفُسَنَا، فَدَلَّهُمُ اللهُ عَلَى أحَب الأَعْمَالَ إلَيْهِ) فقَالَ :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾ فَابْتُلُوا يَوْمَ أُحُدٍ بمَا أصَابَهُمْ، فَتَوَلَّوا عَنِ النَّبيِّ ﷺ حَتَّى شُجَّ وَجْهُهُ وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَّتهُ، فَذمَّهُمُ اللهُ عَلَى ذلِكَ فَقَالَ :﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ ﴿ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾ ؛ أي عَظُمَ ذلك في الْمَقْتِ والبُغضِ عندَ الله ؛ أي أنَّ الله يبغضهُ بُغضاً شَديداً أن تَعِدُونِي من أنفُسِكم شيئاً ثم لم تُوَفُّوا به.
وموضع ﴿ أَن تَقُولُواْ ﴾ رُفِعَ، وانتصبَ قوله ﴿ مَقْتاً ﴾ على التمييزِ.
وذكرَ الكلبيُّ :(أنُّ الْمُسْلِمِينَ كَانُواْ يَقُولُونَ قَبْلَ فَرْضِ الْجِهَادِ : لَوْ عَلِمْنَا أيَّ الأَعْمَالِ أحَبُّ إلَى اللهِ لَفَعَلْنَاهُ، فَدَلَّهُمُ اللهُ عَلَى ذلِكَ بقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾[الصف : ١٠]، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا هِيَ، فَمَكَثُوا عَلَى ذلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ قَالُواْ : يَا لَيْتَنَا نَعْلَمُ مَا هِيَ فَنُسَارعُ إلَيْهَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى﴿ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾[الصف : ١١] إلَى آخِرِ الآيَاتِ).
وقال قتادةُ :(كَانَ الرَّجُلُ إذا خَرَجَ إلَى الْجِهَادِ ثُمَّ رَجَعَ قالَ : قُلْتُ وَفَعَلْتُ، وَلَمْ يَكُنْ فَعَلَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى :﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ ﴾.).