قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ ﴾ ؛ أي تكادُ تَنْشَقُّ وتَتَقَطَّعُ من تغيُّظِها على أهلها لتأخُذهم، والمعنى : تكادُ النار يَنْفَرِقُ بعضُها من بعضٍ غَضَباً على الكفار، وانتقاماً لله عَزَّ وَجَلَّ منهم، ﴿ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ ﴾ ؛ من الكفار ؛ أي جماعةٌ، ﴿ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ ﴾ ؛ أي النارُ، ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ ؛ أي رسولٌ مُنذِرٌ، وهذا التوبيخُ زيادةٌ لَهم في العذاب، ﴿ قَالُواْ بَلَى قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا ﴾، له، ﴿ مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ ﴾ ؛ مِمَّا تقولُ، وقلنا للرَّسُولِ :﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾ ؛ أي خطأ عظيمٍ. وَقِيْلَ : إن قَولَهُ ﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ ﴾ من قولِ الزَّبانِيَةِ للكُفَّار ؛ أي ما كُنتم في الدُّنيا إلاَّ في ضلالٍ كبير.
وقالَ أهلُ النار مُعتَرِفين بجهلِهم :﴿ وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ﴾ ؛ أي لو كُنَّا نسمعُ الهدى من الرُّسُلِ سَمَاعَ مَن يتفكرُ ويعقلُ منهم عقلَ مَن يُمَيِّزُ، ﴿ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ ﴾ ؛ أي أقَرُّوا بذلك، ﴿ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ ؛ أي أسْحَقَهُمُ اللهُ سُحْقاً ؛ أي باعدَهم من رحمتهِ، والسُّحْقُ : البُعْدُ، والمعنى : فبُعداً لأصحاب النار من رحمة الله.


الصفحة التالية
Icon