قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ ﴾ ؛ أي قالَ أعدَلُهم وأفضَلُهم، وَقِيْلَ : أوسطُ الثلاثةِ سِنّاً، قال لَهم : ألَمْ أقُلْ لكم هلاَّ تَستَثْنُونَ في حَلفِكم وقد كان قالَ لَهم ذلك عندَ قسَمِهم.
وإنما أُقيم لفظُ التِّسبيحِ مقامَ الاستثناءِ ؛ لأنَّ في الاستثناءِ تعظيمَ اللهِ، والإقرارَ بأنَّ أحداً لا يقدِرُ أن يفعلَ فِعلَهُ إلاَّ بمشيئةِ الله تعالى. ويقالُ : كان استثناءُ القومِ في ذلك الزمان التسبيحُ. ويجوزُ أن يكون معنى التسبيحِ ها هُنا : هلاَّ تُنَزِّهُونَ اللهَ وتستغفرونَهُ من سُوءِ نيَّاتِكم ؟ ﴿ قَالُواْ ﴾ ؛ عندما رأوا مِن قدرةِ الله تعالى :﴿ سُبْحَانَ رَبِّنَآ ﴾ ؛ أي تَنْزيهاً لرَبنا وتعظيماً واستغفاراً له، ﴿ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ ؛ لأنفُسنا بما عَزَمنا عليه من الذهاب بحقوق الفُقراءِ ومَنعِنا لهم.