قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ ﴾ ؛ أي اصبرْ يا مُحَمَّدُ على تبليغِ الوحيِ والرسالة، ولا تكُنْ في الضَّجَرِ والعجَلةِ كصاحب الحوتِ يونُسَ عليه السلام، والمعنى : لا تَضْجَرْ فيما يلحقُكَ من الأذيَّة من جهلهم كما ضَجِرَ صاحبُ الحوتِ، فخرجَ من بين ظَهرَانِيهم قبلَ أن يأذنَ اللهُ له حتى الْتَقَمَهُ الحوتُ، ﴿ إِذْ نَادَى ﴾ ؛ فنادَى وهو في بطنِ الحوتِ :﴿ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾[الأنبياء : ٨٧].
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَهُوَ مَكْظُومٌ ﴾ ؛ أي مَمْلُوءٌ غمّاً، ﴿ لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ ﴾ ؛ بقبُولِ توبتهِ، ﴿ لَنُبِذَ بِالْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ ﴾ ؛ أي لأُلقِيَ من بطنِ الحوت على وجهِ الأرض، وَقِيْلَ : معناه : لنُبذ بالضَّجَرِ وهو مَلُومٌ مذمومٌ، ولكنْ قَبلَ اللهُ توبتَهُ، فنُبذ وهو غيرُ مَذْمُومٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ ؛ أي اختارَ يونُسَ لنُبوَّتهِ وللإِسلامِ، فجعلَهُ من الصَّالحين بقَبُولِ تَوبَتهِ، فردَّ إليه الوعيَ وشَفَّعَهُ في قومهِ.


الصفحة التالية
Icon