قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ﴾ ؛ معناهُ : ومغانِمَ كثيرةً يأخذُونَها من أموالِ يهود خيبرَ، وكانت خيبرُ ذات عقارٍ وأموالٍ، ﴿ وَكَان اللَّهُ عَزِيزاً ﴾ ؛ أي غَالباً، ﴿ حَكِيماً ﴾ ؛ في أمرهِ، حكَمَ لهم بالغنيمةِ، ولأهلِ خيبرَ بالسَّبي والهزيمةِ.
وعن أنسٍ رضي الله عنه :" وأنَا رَدِيفَ أبي طَلْحَةَ يَوْمَ أتَيْنَا إلَى خَيْبَرَ، فَصَبَّحَهُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَدْ أخَذُواْ مَسَاحِيهِمْ وَفُؤُسَهُمْ وَغَدَوا عَلَى حُرُوثِهِمْ، فَلَمَّا رَأوْنَا ألْقَواْ ما بأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :" اللهُ أكْبَرُ، خَرِبَتْ خيْبَرُ، إنَّا إذا نَزَلْنَا بسَاحَةٍ قَوْمٍ فَسٍَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذرينَ " ".
وعن عبدِاللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أبيِهِ قَالَ :" خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إلَى خَيْبَرَ، سَرَيْنَا لَيْلاً وَعَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ مَعَنَا وَكَانَ شَاعِراً، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : ألاَ تُسْمِعُنَا يَا عَامِرُ، فَنَزَلَ يَحْدُوا بالْقَوْمِ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :" اللَّهُمَّ لَوْلاَ أنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَاهُمُ الَّذِينَ بَغَواْ عَلَيْنَا وَنَحْنُ مِنْ فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنَيْنَافَاغْفِرْ بفَضْلِكَ مَا أتَيْنَا وَثَبتِ الأَقْدَامَ إنْ لاَقَيْنَاوَألْقِيَنَّ السَّكِينَةَ عَلَيْنَا " قَالَ ﷺ :" مَنْ هَذا ؟ " قَالُوا : عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ :" قَدْ غَفَرَ لَكَ رَبُّكَ يَا عَامِرُ " فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ أمْتَعْتَنَا بهِ يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم). وإنما قالَ ذلكَ ؛ لأنَّ رسولَ الله ﷺ ما استغفرَ لرجُلٍ قطُّ إلاَّ استُشهِدَ.
قالَ :(فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ وَتَصَافَّ الْقَوْمُ، خَرَجَ يَهُودِيٌّ فَخَرَجَ إلَيْهِ عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ وَهُوَ يَقُولُ :" قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أنِّي عَامِرُ شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ " وَاخْتَلَفَا بضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ الْيَهُودِيِّ فِي تِرْسِ عَامِرٍ، وََوَقَعَ سَيْفُ عَامِرٍ عَلَى رُكْبَةِ نَفْسِهِ وَسَاقِهِ فَمَاتَ مِنْهَا. قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ : فَمَرَرْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَهُمْ يَقُولُونَ : بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ، فَأَتَيْتُ النَّبيَّ ﷺ وَأنَا أبْكِي فَأَخْبَرْتُهُ بذلِكَ، فَقَالَ :" كَذبَ مَنْ قَالَ ذلِكَ، بَلْ لَهُ أجْرُهُ مَرَّتَيْنِ ".
ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلِيّاً رضي الله عنه وَكَانَ حِيْنَئِذٍ أرْمَدَ قَدْ عَصَبَ عَيْنَهُ بشِِقِّ بُرْدٍ، قَالَ سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ : فَجِئْتُ بهِ أقُودُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ :" مَا لَكَ يَا عَلِيُّ ؟ " قَالَ : رَمَدْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ :" أُدْنُ مِنِّي " فَدَنَا مِنْهُ، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ فَبَرِئَ مِنْ سَاعَتِهِ، وَمَا وُجِعَتْ عَيْنَاهُ بَعْدَ ذلِكَ أبَداً حَتَّى مَضَى سَبيلُهُ. ثُمَّ أعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ الرَّايَةَ فَهَدَى بهَا وَعَلَيْهِ حُلَّةُ أُرْجُوَانٍ حَمْرَاءُ، فَأَتَى مَدِينَةَ خَيْبَرَ، فَخَرَجَ مَرْحَبُ صَاحِبُ الْحِصْنِ وَعَلَيْهِ مِغْفَرٌ وَحَجَرٌ قَدْ ثَقَبَهُ مِثْلَ الْبَيْضَةِ عَلَى رَأسِهِ وَهُوَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ :"


الصفحة التالية
Icon