قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَوَرَبِّ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ أقسَمَ اللهُ تعالى بنَفسهِ، والذي بَيَّنَهُ مِن أمرِ الرِّزقِ وغيرِه (لَصِدْقٌ) كان نِطقُكم الذي هو الصدقُ من كلمةِ التَّوحيدِ ونحوِها حقٌّ قرأهُ أهلُ الكوفة (مِثْلُ مَا أنَّكُم) برفعِ (مِثْلُ) على أنَّهُ صفةٌ لقوله (لَحَقٌّ). وقرأ الباقون بالنصب على التركِ على معنى إنه يَحِقُّ حَقّاً ﴿ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾، وَقِيْلَ : تقديرهُ : كَمِثْلِ ما أنَّكم تَنطِقُونَ.
وقالَ بعضُ الحكماء : معنى قولهِ :﴿ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ أي كما أنَّ كلَّ إنسانٍ لا ينطقُ بلسانِ غيرهِ، كذلك لا يأكلُ إنسانٌ رزقَ غيرهِ والذي قُدِّرَ له، ولا يأكلُ إلاَّ رزقَ نفسهِ، كما لا يتكلَّمُ إلاَّ بلسانِ نفسه.
قال الحسنُ :(بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ :" قَاتَلَ اللهُ أقْوَاماً أقْسَمَ لَهُمْ رَبُّهُمْ بنَفْسِهِ فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ "، وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :" لَوْ أنَّ أحَدَكُمْ فَرَّ مِنْ رزْقِهِ لَتَبعُهُ كَمَا يَتْبَعُهُ الْمَوْتُ "، قال الشاعرُ : أسْعَى لأَطْلُبَهُ وَالرِّزْقُ يَطْلُبُنِي وَالرِّزْقُ أكْثَرُ لِي مِنِّي لَهُ طَلَبَا