وقولهُ تعالى :﴿ فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ ؛ المنازل الرفعيةُ البناءِ. وقولهُ تعالى :﴿ قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ﴾ ؛ أي ثِمارُها دانيةٌ مِمَّن يتناولُها، وهو جمع قِطْفٍ وهو ما يُقْطَفُ من الثمار، والمعنى : ثِمارُها قريبةٌ ينالُها القائمُ والقاعد والمضطجعُ، لا يَمنَعهم من تناوُلها شوكٌ ولا بُعْدٌ.
ويقالُ لهم :﴿ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً ﴾ ؛ أي كُلوا واشربوا في الجنَّة، ﴿ بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ ﴾ ؛ بما قدَّمتم في الأيامِ الماضية من الأعمالِ الصالحة، ويعني بالأيامِ الماضيةِ أيامَ الدُّنيا. والهناءُ : ما لا يكونُ فيه أذَى من بولٍ ولا غائط، ولا يعقبهُ دارٌ ولا موتٌ.
وكان ابنُ عبَّاس يقولُ :(بمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ : الصَّوْمُ فِي الأَيَّامِ الْحَارَّةِ). كما رُوي عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ :" إنَّ مِنْ أبْوَاب الْجَنَّةِ بَاباً يُدْعَى الرَّيَّانُ، مَنْ دَخَلَهُ لاَ يَظْمَأُ أبَداً، يَدْخُلُهُ الصَّائِمُونَ، ثُمَّ يُغْلَقُ عَلَيْهِمْ فَلاَ يَدْخُلُ مَعَهُمْ غَيْرُهُمْ ".
ويقالُ : إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يقولُ يومَ القيامةِ : يا أوليائِي ما نظرتُ إليكم في الدُّنيا، قد قَلُصَتْ شفاهُكم من العطشِ، وغارَتْ أعيُنكم وخَمَصت بطونُكم، فكونوا اليومَ في نعيمِكم، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بمَا أسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ.