وقولهُ تعالى :﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ ﴾ ؛ خطابٌ للنبيِّ ﷺ يقول : لا تحرِّكْ بالقرآنِ لسَانَكَ، ﴿ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ ؛ بقراءتهِ قبلَ أن يفرُغَ جبريلُ من قراءتهِ عليك، وذلك أنَّ النَّبيَّ ﷺ كَانَ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْوَحِيِ لَمْ يَفْرُغْ جِبْرِيلُ مِنْ آخِرِهِ حَتَّى تَلاَهُ النَّبيُّ ﷺ مَخَافَةَ أنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ، فَأَعْلَمَهُ اللهُ بقَوْلِهِ :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ ؛ أي إنَّ علينا حفظَهُ في قلبكَ، وتأْلِيفَهُ على ما يأمرهُ الله به، وأعلَمهُ بأنه لا يُنسِيه إيَّاهُ، كما قال تعالى﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى ﴾[الأعلى : ٦] فلم ينسَ النبيُّ ﷺ شَيئاً حتى ماتَ.
وعن ابنِ عبِّاس في معنى هذه الآيةِ قال :((كَانَ النَّبيُّ ﷺ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شَدَّةً، كَانَ إذا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ قَبْلَ فَرَاغِ جِبْرِيلَ مِنْ قِرَاءَةِ الْوَحْيِ مَخَافَةَ أنْ لاَ يَحْفَظَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ الآيَةَ :﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ﴾ ). ومثلُهُ قوله﴿ وَلاَ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾[طه : ١١٤]. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ ﴾ في صَدركَ ﴿ وَقُرْآنَهُ ﴾ أي إنَّ جبريل يَقرؤُه عليكَ حتى تَحفظََهُ.


الصفحة التالية
Icon