قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً ﴾ ؛ يعني الملائكةَ تنْزلُ بالوحيِ للفَرقِ بين الحلالِ والحرامِ، والحقِّ والباطلِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً ﴾ ؛ يعني الملائكةَ تُلْقِي كُتُبَ اللهِ إلى أنبيائهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ عُذْراً أَوْ نُذْراً ﴾ ؛ معناهُ عُذْراً من اللهِ، وإنذاراً لِخَلقهِ، والإعذارُ قَطْعُ المعذِرةِ، والإنذارُ الإعلامُ بموضعِ المخَافَةِ لتبقَى، ولهذا بعثَ الرُّسُلَ وأنزلَ الكُتبَ.
والمعنى بهذه الآياتِ : أنَّ كفارَ مكَّة لَمَّا أنكَرُوا البعثَ أقسمَ اللهُ تعالى بما بيَّن من قدرتهِ وتدبيرهِ الملائكةِ والسَّحابِ والرياحِ أنَّ قيامَ الساعةِ كائنٌ فقال :﴿ إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ ﴾ ؛ أي إنَّ أمرَ الساعةِ والبعثِ لكائنٌ لا محالةَ.
ثم ذكرَ متى يقعُ فقال : قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ﴾ ؛ أي مُحِيَ نورُها وسُلِبَ ضَوْءُها وتساقطَت، كما قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ ﴾[الانفطار : ٢]. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا السَّمَآءُ فُرِجَتْ ﴾ ؛ أي شُقَّت من هيبةِ الرَّحمن، وانفطَرت بعد أن كانت سَقفاً محفوظاً، فأوَّل حالِها الوهيُ ثم الانشقاق، قال الله تعالى :﴿ وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾[الحاقة : ١٦] ثم الانفتاحُ، قال اللهُ﴿ وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ ﴾[النبأ : ١٩] ثم الانفراجَ حتى يتلاشَى فتصير كأنَّها لم تكن.


الصفحة التالية
Icon