قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ انطَلِقُواْ إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ ؛ معناهُ : ويقال لهم يومَ القيامة، تقولُ لهم الْخَزَنَةُ : انطلقوا إلى العذاب الذي كُنتم به تكَذِّبون في الدُّنيا أنه لا يكون، ﴿ انطَلِقُواْ إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ ﴾ ؛ أي انطلِقُوا إلى دُخان من جهنَّم قد سطعَ، ثم افترقَ ثلاثَ فِرَقٍ، وهو قولهُ ﴿ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ ﴾ شُعْبَةٌ فوقَهم، وشعبةٌ عن يمينِهم، وشعبةٌ عن شمالهم. وذلك أنه يخرجُ لسانٌ من نارٍ فيحيطُ بهم فيُحبَسون إلى أنْ يُسَاقوا النار أفوَاجاً أفواجاً، قال إبراهيمُ النخعيُّ :((هَذا الظِّلُّ مَقِيلُ الْكُفَّار قَبْلَ الْحِسَاب))، والمعنى : انطلِقُوا إلى ظلٍّ ذي ثلاثِ شُعب فكونوا فيه إلى أن يفرغَ من الحساب.
ثم وصفَ اللهُ ذلك الظلَّ فقال :﴿ لاَّ ظَلِيلٍ ﴾ ؛ أي لا يُظِلُّ من الحرِّ، ﴿ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ﴾ ؛ أي ولا يردُّ عنكم لَهب جهنَّم ؛ أي إنَّهم إذا استظَلُّوا بذلك الظلِّ لم يدفَعْ عنهم من حرِّ النار شيئاً، فأما المؤمنون فيُقبلُونَ في الجنةِ كما قال تعالى :﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾[الفرقان : ٢٤].