قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً ﴾ ؛ قال مجاهدُ ومقاتل وقتادة والكلبي :((الْمُعْصِرَاتُ الرِّيَاحُ ؛ لأَنَّهَا تَعْصِرُ السَّحَابَ حَتَّى تُخرِجَ مِنْهُ الْمَطَرَ)). قال الأزهريُّ :((هِيَ الرِّيَاحُ ذوَاتُ الأَعَاصِيرِ))، و(مِنَ) معناها الباء كأنه قالَ : بالمعصراتِ ؛ ولأن الرياحَ تستدِرُّ المطرَ، وقال أبو العاليةِ والربيعُ والضحاك :((الْمُعْصِرَاتُ السَّحَابُ الَّتِي يَنْجَلِبُ مِنْهَا الْمَطَرُ، كَالْمَرْأةِ الْمَعْصُورَةِ وَهِيَ الَّتِي دَنَا حَيْضُهَا))، قال الشاعرُ : جَاريَةٌ بإبرقين دَارُهَا قَدْ أعْصَرَتْ أوْ قَدْ دَنَا إعْصَارُهَايَسْقُطُ مِنْ غُلْمَتِهَا إزَارُهَا تَمْشِي الْهُوَيْنَا سَاقِطاً خِمَارُهَاوقال يزيدُ بن أسلمَ :((الْمُعْصِرَاتُ : السَّمَوَاتُ))، وقال ابنُ كَيسان :((الْمُغَيَّبَاتُ)).
والماءُ الثَّجَّاجُ : هو السَّيَّالُ الصَّبَّابُ، والثَّجُّ : الصَّبُّ، كما رُوي في الحديثِ :" أفْضَلُ الْحَجِّ الْعَجُّ وَالثَّجُ " أرادَ بالعَجِّ : رفعُ الصوتِ بالتَّلبيةِ، وَالثَّجِّ : إراقةُ الدَّم. وقال مجاهدُ :((ثَجَّاجاً أيْ مِدْرَاراً)) وقال قتادةُ :((مُتَتَابعاً يَتْلُو بَعْضَهُ)).


الصفحة التالية
Icon