قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ ؛ أي ولقد رأى مُحَمَّدٌ جبريلَ بالأُفق الأعلَى وهو مَطلعُ الشَّمسِ الذي يجيءُ منه النهار، وقد تقدَّم في سورةِ النَّجم : أنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام كَانَ يَأْتِي رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي صُورَةِ دَحْيَةَ الْكَلْبيِّ، وَأنَّ النَّبيَّ ﷺ لَمْ يَرَ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي عَلَيْهَا إلاَّ مَرَّتَيْنِ.
وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِجِبْرِيلَ :" " إنِّي أُحِبُّ أنْ أرَاكَ فِي صُورَتِكَ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا فِي السَّمَاءِ " قَالَ : لَنْ تَقْوَى عَلَى ذلِكَ، قَالَ :" بَلَى " قَالَ : أيْنَ تَشَاءُ أتَخَيَّلُ لَكَ، قَالَ :" بالأَبْطَحِ " قَالَ : لَنْ يَسَعَنِي، قَالَ :" بمِنَى " قالَ " : لاَ يَسَعُنِي، قَالَ :" بعَرَفَاتٍ " قَالَ : فَهَبَطَ جِبْرِيلُ بعَرَفَات بخَشْخَشَةٍ وَكَلْكَلَةٍ قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغِرِب، وَرَأسُهُ فِي السَّمَاءِ وَرجْلاَهُ فِي الأَرْضِ، فَخَرَّ النَّبيُّ ﷺ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَتَحَوَّلَ جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ دَحْيَةَ وَضَمَّهُ إلَى صَدْرهِ، وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ لاَ تَخَفْ، فَكَيْفَ لَوْ رَأيْتَ إسْرَافِيلَ وَرَأسُهُ تَحْتَ الْعَرْشِ وَرجْلاَهُ فِي التُّخُومِ السَّابعَةِ وَالْعَرْشُ عَلَى كَاهِلِهِ ".