قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى ﴾ ؛ أي سيُقرِؤكَ جبريلُ القرآنَ بأمرِنا فلا تنساهُ، فلم ينسَ النبيُّ ﷺ حَرفاً من القرآنِ بعد نُزول هذه الآيةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ ﴾ ؛ أي إلاَّ ما شاءَ الله أن تنساهُ، وهو ما نُسِخَتْ تلاوتهُ، فنأمُرك ألاَّ تقرأهُ حتى تنساهُ على وجهِ الأيام، وهذا نيسانُ النَّسخ دون التضييعِ.
وَقِيْلَ : إلاَّ ما شاء اللهُ أن تنساهُ ثم تذكره بعد ذلكَ. وَقِيْلَ : إنما ذكرَ الاستثناءَ لتحسين النَّظمِ على عادةِ العرب، تذكرُ الاستثناءَ عُقيب الكلامِ وهو كقوله تعالى﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ ﴾[الأنعام : ١٢٨] ربُّك، معلومٌ أنَّ اللهَ تعالى لم يشَأْ إخراجَ أهلِ الجنة من الجنَّة ولا إخراجَ أهلِ النار من النار، ولكن الماردَ به ما ذكرناهُ.
وقولهُ تعالى :﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴾ أي يعلمُ ما يقرؤهُ العباد من القرآنِ، وما يذكرونَهُ من الذِّكر في سرٍّ أو جهرٍ. وَقِيْلَ : يعلمُ العلانيةَ من القولِ والعمل، ويعلمُ السرَّ وما يحدِّثُ الإنسان نفسَهُ بعده، ويعلمُ إعلانَ الصَّدقة وإخفاءَها.