قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمّاً ﴾ ؛ أي تأكُلون الميراثَ أكلاً شَديداً ؛ أي تلمُّون بجميعهِ من قولهم : لَمَمْتَ ما على الْخِوَانِ ؛ إذا أكلتَهُ أجمعَ، قال الحسنُ :(هُوَ أنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ نَصِيبَ نَفْسِهِ وَنَصِيبَ صَاحِبهِ مِنَ الْمِيرَاثِ)). ويقال : أرادَ أكلَ ميراثِ اليتيمِ بغير حقٍّ ؛ لأنه هو الذي سبقَ ذِكرهُ، ويقال : المرادُ أن يصرفَ ما ورثَهُ من نصيب نفسه إلى الباطلِ.
وفائدةُ تخصيصِ الميراث التَّنبيهُ به على حُكمِ غيرهِ ؛ لأنه إذا منعَ عن الأكلِ أحلَّ أموالَهُ بالباطلِ، ففي أكلِ غير ذلك أولى، ويقال معنى ﴿ أَكْلاً لَّمّاً ﴾ أي يأكلُ نصيبَهُ ونصيبَ غيرهِ، قال بكرُ بن عبدالله :((اللَّمُّ : الاعْتِدَاءُ فِي الْمِيرَاثِ، يَأْكُلُ مِيرَاثَهُ وَمِيرَاثَ غَيْرِهِ)).
وقال ابنُ زيد :((اللَّمُّ : الَّذِي يَأْكُلُ كُلَّ شَيْءٍ يَجِدْهُ وَلاَ يَسْأَلُ عَنْهُ أحَلاَلٌ هُوَ أمْ حَرَامٌ ؟ وَيَأْكُلُ الَّذِي لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَذلِكَ أنَّهُمْ كَانُوا لاَ يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ وَلاَ الصِّبْيَانَ)). وفي الحديث عن النبيِّ ﷺ أنه قالَ :" مَنْ قَطَعَ مِيرَاثاً فَرَضَهُ اللهُ، قَطَعَ اللهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ".


الصفحة التالية
Icon