قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ ؛ أي ردَدناهُ إلى أرذلِ العمُرِ، وإلى حالِ الهرَمِ وفَقْدِ العقلِ بعد الشَّباب والقوَّة. وقال بعضُهم : معناهُ : ردَدناهُ إلى أسفلِ درَكاتِ النار في أقبحِ صُورةٍ.
ثم استثنَى المؤمنين المطيعينَ، فإنَّهم لا يُرَدُّونَ إلى أسفلِ سَافِلين، ويجوز أنْ يكون هذا استثناءً منقطعاً بمعنى لكن، ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ﴾ ؛ أي الطاعاتِ فيما بينهم وبين ربهم، ﴿ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ ؛ أي ثوابٌ غير مقطوعٍ ؛ أي لا ينقطعُ ثوابُهم بموتِهم.
وفي الحديث :" إنَّ الْمُؤْمِنَ إذا عَمِلَ فِي حَالِ شَبَابهِ وَقُوَّتِهِ، ثُمَّ مَرِضَ أوْ هَرِمَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ حَسَنَاتِهِ، كَمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي حَالِ شَبَابهِ وَقُوَّتِهِ، لاَ يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ ".
وعن رسولِ الله ﷺ أنَّهُ قالَ :" إذا مَاتَ الْمُؤْمِنُ فَدُفِنَ فِي قَبْرِهِ قَالَ مَلَكَانِ : يَا رَب قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ فُلاَنٌ، فَأْذنْ لَنَا أنْ نَصْعَدَ إلَى السَّمَاءِ فَنُسَبحَكَ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى : سَمَائِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَلاَئِكَتِي يُسَبحُونَنِي، فَيَقُولُونَ : يَا رَب فَأَيْنَ تَأْمُرُنَا ؟ فَيَقُولُ : قُومَا عَلَى قَبْرِ عَبْدِي فَسَبحَانِي وَكَبرَانِي وَاحْمَدَانِي وَهَلِّلاَنِي، وَاكْتُبَا ثَوَابَ ذلِكَ لِعَبْدِي حَتَّى أبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ ".