قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ ؛ الغَاسِقُ : هو الليلُ إذا اشتدَّت ظُلمَتهُ، ووقُوبُ الليلِ دخولهُ في الظَّلام، هكذا عن قتادةُ، وأصل الغَسَقِ : الجريانُ بالضَّرر من قولهم : غَسَقَتِ القَرْحَةُ إذا جرَى صَدِيدُها، والغَاسِقُ صديدُ أهلِ النار، والغاسِقُ كلُّ هاجمٍ بالضَّرر كائناً ما كان، وسُمِّي الليلُ غَاسِقاً ؛ لأنه تخرجُ فيه السِّباعُ من آجَامِها، والهوامُّ من مكانِها.
وإنما أضيفُ الشرُّ إلى الليلِ ؛ لأن الإنسانَ يحذرُ في أوقاتِ الليل من الشرِّ ما لا يحذرُ مثلَهُ بالنهار، كأنه قالَ تعالى : ومن شرِّ ما في الغاسقِ، كما يقالُ : أعوذُ بالله من هذا البلدِ إذ كَثُرَ فيه الظُّلم والفسادُ.
وعن عليٍّ رضي الله عنه أنه قال :((الْغَاسِقُ هُوَ الظَّالِمُ، وَوُقُوبُهُ دُخُولُهُ عَلَى الظُّلْمِ)). ويقالُ : الغاسقُ سقوطُ الثُّريا ؛ لأن الطوَاعِين والأسقامَ تكثرُ عند سقوطِها، وترتفعُ عند طلوعِها.
وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت :" أرَانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ الْقَمَرَ فَقَالَ :" تَعَوَّذِي باللهِ مِنْ شَرِّ هَذا الْغَاسِقِ إذا وَقَبَ " أيْ إذا كَسَفَ وَاسْوَدَّ.