﴿ ياأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ ؛ الخطابُ للنبيِّ ﷺ نُودِيَ في حالِ كَونه مُلتَفِفاً بثيابهِ في بعضِ اللِّيل، وأُمِرَ بالقيامِ بالصَّلاة وهُجرَانِ النومِ، والمعنَى : يا أيُّها الْمُتَلَفِّفُ بثيابهِ، يقالُ : تَزَمَّلَ وَتَدَثَّرَ بثوبهِ إذا تغطَّى بهِ، وزَمَّلَ غيرَهُ إذا غطَّاهُ.
قال أبو عبيدِالله الجدَلِي :(سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنَْهَا عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ﴿ ياأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ﴾ مَا كَانَ تَزَمُّلُهُ ؟ قَالَتْ : فِي مُرْطٍ كَانَ طُولُهُ أرْبَعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً، نِصْفُهُ عَلَيَّ وَأنَا نَائِمَةٌ، وَنِصْفُهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي. فَسَأَلْتُهَا مِمَّ كَانَ ؟ قَالَتْ : وَاللهِ مَا كَانَ خَزّاً وَلاَ قَزّاً ولاَ صُوفاً، كَانَ سَدَاهُ شَعْراً وَلُحْمَتُهُ وَبَراً). قال السديُّ :(مَعْنَاهُ : يَا أيُّهَا النَّائِمُ قُمْ فَصَلِّ). قالتِ الحكماءُ : إنَّما خُوطِبَ بالمزَّملِ والمدَّثرِ في أوَّلِ الأمرِ لم يكُن بلغَ شيئاً من الرسالةِ، ثم خُوطِبَ بعدَ ذلك : يا أيها النبيُّ، يا أيُّها الرسولُ.