قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ ؛ معناهُ : واذكرِ اسمَ ربكَ بالتوحيدِ والتعظيمِ. ويجوزُ أنْ يكون المرادُ به الذِّكرَ المشروعَ لافتتاحِ الصَّلاة، ويجوز أنْ يكون المرادُ به كثرةَ ذكرِ الله في الصَّلاة وخارجَ الصلاةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ أي انقَطِعْ إلى اللهِ في العبادة، وتأميلِ الخير منه دون غيرهِ. ومِن هذا سُمِّيت فاطمةُ الْبَتُولَ ؛ لأنَّها انقطَعت إلى اللهِ تعالى في العبادةِ، والبَتْلُ في اللغة : القطعُ وتَميُّزُ الشيءِ من الشيءِ، ومنه صَدَقَةٌ بَتْلَةٌ ؛ أي مُنقَطِعَةٌ من مالِ صاحبها، وطَلْقَةٌ بَتْلَةٌ : قاطعةٌ للزَّوجةِ.
وإنما قال ﴿ تَبْتِيلاً ﴾ ولم يقل تَبَتُّلاً على معنى تَبَتَّلْ لنَفسِكَ إليه تَبْتِيلاً. وقال ابنُ عبَّاس :((مَعْنَى ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ أيْ أخْلِصْ إلَيْهِ إخْلاَصاً)). وقال الحسنُ :((اجْتَهِدِ اجْتِهَاداً)). وقال شقيقُ :((تَوَكَّلْ عَلَيْهِ تَوَكُّلاً). وقال زيدُ بن أسلمَ :((التَّبَتُّلُ : رَفْضُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَالْتِمَاسُ مَا عِنْدَ اللهِ)).


الصفحة التالية
Icon